البرامج التربوية (العلاجية) المقدمة لأطفال التوحد:
ان الكثير من الاتجاهات التربوية اكدت على أهمية بناء البرامج التربوية لأطفال العاديين قبل سن المدرسة ، ذلك لمساعدتهم على تنمية قدراتهم المعرفية و تنشيط المثيرات الحسية لديهم، و حب الاستطلاع و التجريب، و تطوير المهارات الحركية و الاتساق الحسي الحركي ، وانبثاقا من الفلسفة التربوية التي تعني ذوي الاحتياجات الخاصة و المرتكزة على ان كل طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة قابل للتعلم و التقدم، نجد ان هناك الكثير من البرامج التربوية الخاصة بما يتناسب و احتياجات كل فئة، ولان التوحد أصبح من الإعاقات التي شغلت الباحثين و الدارسين ،فقد وضعت العديد من البرامج التي تعني بهم خاصة في تطوير المهارات التواصلية و الاجتماعية و السلوكية، ومن خلال الاطلاع على البرامج المقدمة لأطفال المتوحدين نجد انها تتعدد و تختلف فيما بينهما انطلاقا من النظريات المفسرة لإظطراب التوحد، و المعروف أن اختيار البرنامج العلاجي المناسب للتوحد يؤدي الى خفض السلوكات غير التكيفية، و يساهم في التخفيف من الأعراض التوحدية (الزريقات 2004 ص 431)، و من هذه البرامج:
- برنامج الضبط المعرفي و التدريب على مهارات الحياة: و الذي أسسه اريك شوبلر في جامعة شمال كراولينا و هو منتشر في معظم دول العالم و يهدف الى مساعدة الاطفال ليصبحوا اكثر استقلالية من خلال تنمية مهارات التواصل و القدرة على اتخاذ القرار و يركز على مهارات تواصل مناسبة، واستقلالية الشخصية، و يهتم الاطفال التوحدين من عمر سنتين حتى سن الرشد و التعليم المنظم عملية متكاملة للتدخل العلاجي لأطفال التوحد ترتكز على جعل البيئة من حول الطفل واضحة و مفهومة و يمكنه التنبؤ بالخطوات التي ستحصل خلال أيامه العادبة و تضعه في مواقف غير مشتتة، وهذا يقلل من المشاكل السلوكية للطفل، و يدفعه نحو المزيد من الاستقلالية و الاعتماد و الثقة بالنفس عبر التنظيم المحسوس بالإضافة الى ذلك فالبرنامج يهتم بالتقليل من المشكلات السلوكية تكييف البيئة التعليمية، و تنمية السلوك الاجتماعي المناسب و يتم به استخدام استراتيجيات تعديل السلوك، مثل: التعزير و وتحليل المهمة، و قد اشارت الكثير من الدراسات ان نتائج برنامج تيتش على الاطفال كانت جيدة مما ادى الى تقدمهم و تحسنهم و تتسم البيئة التعليمية لبرنامج تيتش بطابع مميز، فهي مليئة بمعينات و دلائل بصرية، مثل: الصور و الكلمات المكتوبة بالمواد بهدف تمكين الطالب من التكيف مع البيئة التعليمية (الخطاب 2009 ص 237 ).
ولمعالجة الصعوبات التي يغلب ظهورها في بيئات تعليمية اعتيادية، طور الدكتور أريك شوبلر مفهوم التعليم المنظم للاشخاص التوحدين و تم ذلك بعد دراسة اجراها في عام 19711 اثبتت نتائجها ان الاداء العام للاشخاص التوحدين و درجة تقدمهم يرتفعان و يتحسنان عندما يكونون في بيئات منظمة، و العكس هو ايضا صحيح ، و كما أشار شوبلر فإن درجة تنظيم البيئة التي يحتاجها التلميذ تختلف باختلاف العمر الزمني و العقلي لدى التلميذ و بناء على هذه الدراسة أصبح للتعليم المنظم طابعا مميزا لبرنامج تيتش و هناك خمس ركائز للتعليم المنظم و هي :
- تكوين روتين محدد (establisthing routine )
- تنظيم المساحات (physical structure )
- الجداول اليومية (dailyschedules )
- التعليم البصري (visual instruction)
(الزريقات 2004،ص 314)
و من البرامج المعروفة أيضا
2ـ برنامج ويلدن لما قبل المدرسة لأطفال المصابين بالتوحد (1964) (Walden preschool program WPP)
يقوم هذا البرنامج على خدمة الأطفال المصابين بالتوحد من خلال دمجهم مع الأطفال الاسوياء و يركز محتوى البرنامج على تطوير المجالات التالية للطلبة التوحدين: تنمية التفاعل الاجتماعي مع الأقران، أخذ الادوار و تنمية مهارات اللعب، احتمال اللمس و الاتصال بالعين، وأشارت النتائج الى تطوير وتقدم الاطفال المتوحدين حيث نجح البرنامج في دمج الاطفال في المدرسة العادية و اصبح هناك تقدم في التفاعل الاجتماعي و تكوين الاصدقاء و الابتداء بالحديث مع الاقران .
3ـ برنامج لوفاس :Ivar lovas
الذي يعتمد بشكل اساسي على التحليل السلوكي التطبيقي، و هو برنامج طويل للتدريب على المهارات بشكل منظم و منطقي و مكثف ، و يشير لوفاس الى امكانية دمج الطفل التوحدي في حال طبق البرنامج بشكل منتظم و مكثف، و يعتبر هذا البرنامج من البرامج واسعة الانتشار و الاستعمال من قبل الاباء و المعلمين لم له من دور في التفاعل الاجتماعي للطفل، حيث يتم تحديد المثيرات السابقة و اللاحقة بعد استجابة الطفل و يتم معرفة السلوكات القوية و الضعيفة للطفل، و بعد ذلك يتم تشكيل المهارات الجديدة بتنظيم المثيرات و التعزيز الفوري، وهذا البرنامج يتطلب مشاركة الاباء و المتطوعين، و أغلب البرامج التربوية تعتمد على النواحي السلوكية في تدريب الأطفال التوحدين(الزريقات 2004 ص 307).
4.العلاج بالدمج الحسي: SensoryIntegrationtherapy
و هو مأخوذ من علم أخر هو العلاج المهني، و يقوم على ان الجهاز العصبي يقوم بربط و دمج جميع الأحاسيس الصادرة من الجسم و بالتالي فإن خلال ربط او تجانس هذه الأحاسيس ( مثل حواس، الشم، السمع، البصر، اللمس، التذوق، التوازن) قد يؤدي الى أعراض توحدية و يقوم العلاج على تحليل هذه الاحاسيس و من ثم العمل على توازنها و لكن في الحقيقة ليس كل الاطفال التوحدين يظهرون أعراضا تدل على خلل في التوازن الحسي كما انه ليس هناك علاقة واضحة و مثبتة بين نظرية التكامل الحسي و مشكلات اللغة عند الاطفال التوحدين، اذ يجب مراعاة ذلك أثناء وضع برنامج العلاج الخاص بكل طفل، و رغم ان العلاج بالتكامل الحسي يعتبر أكثر "علمية" من التدريب السمعي و التواصل الميسر حيث يمكن بالتأكيد الاستفادة من بعض الطرق المستخدمة فيه، الا ان هناك مبالغة في التركيز على هذا النوع من العلاج على حساب عوامل أخرى أكثر اهمية (الخطاب 2004 ص 113) .
5.التواصل الميسر Facilitated communication:
لقد حظيت هذه الطريقة على اهتمام إعلامي مباشر و تناولتها كثيرا من و سائل الاعلام الامريكية و تقوم على اساس استخدام لوحة مفاتيح ثم يقوم الطفل باختيار الاحرف المناسبة لتكوين جمل تعبر عن عواطفه و شعوره بمساعدة شخص أخر، و قد اثبتت معظم التجارب أن معظم الكلام او المشاعر الناتجة انما كانت صادرة من هذا الشخص الاخر، و ليس من قبل الشخص التوحدي، و لذا فإنها تعتبر من الطرق الغير مرغوبة على الرغم من وجود مؤسسات لنشر هذه الطريقة (declic,2009 p 85).
6.التدريب على الدمج السمعي Anditory integration trainaining
تقوم أراء المؤيدين لهذه الطريقة على ان الأشخاص المصابين بالتوحد مصابون بحساسية في السمع (فهم اما مفرطون في الحساسية او عندهم نقص في الحساسية السمعية)، و لذلك فإن طرق العلاج تقوم على تحسين قدرة السمع لدى هؤلاء عن طريق عمل فحص سمع أولا، ثم وضع سماعات في أذان الاشخاص التوحدين بحيث يستمعون لموسيقى ثم تركيبها بشكل رقمي (ديجيتال) تؤدي الى تقليل الحساسية المفرطة، و زيادة الحساسية في حالة نقصها . و في البحوث التي اجريت حول التكامل أو التدريب السمعي كانت هناك بعض النتائج الايجابية حينما يقوم بتلك البحوث اشخاص مؤيدين لهذه الطريقة او ممارسون لها بينما لا توجد نتائج ايجابية في البحوث التي يقوم بها أطراف معارضون او محايدون، خاصة مع وجود صرامة أكثر في تطبيق المنهج العلمي، ولذلك يبقى الجدل مستمرا حول جدوى هذه الطريقة.(smith1996)
برنامج تبادل الصور (التواصل) PECS :
يعتبر من اشهر اساليب التواصل البصري مع الأطفال التوحدين و الاطفال المضطربين لغويا و يهدف هذا الاسلوب الى تدريب الطفل على تعلم طريقة مساعدة للتواصل، وذلك عن طريق تبادل الصور، حيث يدرب الطفل على اعطاء المعلم الصورة التي تعبر عن احتياجاته و رغباته باستخدام صور تكون على شكل بطاقات صغيرة و يتم تدريب الطفل عليها بمراحل عديدة تبدأ بمبادرة الطفل على تبادل البطاقات مع المحيطين به و تنتهي بتدريبه على تكوين جملة كاملة عن طريق ترتيب البطاقات الخاصة بهذه الجملة (الحكيم ، 2003 ،ص 136) .
ان أغلب البرامج التربوية المصممة للأطفال التوحدين تتفق على ان التدريب و التعليم المنظم و المخطط له بعناية هما مفتاح التحسن للطفل التوحدي، و يرى (سليمان 2001) ان التقدم و التحسن الذي يحصل للطفل التوحدي لا يحدث عن طريق الصدفة، انما يحدث عن طريق التدخل المبكر، و البرامج التربوية المصممة بعناية و تنظيم بشكل مقصود تمكن الطفل من التنبؤ و فهم العلاقة بين سلوكه و ما ينتج عنه.
ان اكثر البرامج التربوية التي تقدم للأطفال التوحدين تهتم بتنمية النواحي الاجتماعية، كونه من المعروف ان الاهتمام بتنمية المهارات الاجتماعية للطفل التوحدي تساعد في تنمية مهارات أخرى ، و يرى (محمد 2002) انه يوجد تأثير متبادل و مستمر بين نمو المهارات الاجتماعية من جانب و القدرات اللغوية، و القدرة على التواصل من جانب اخر، حيث ان أنشطة المهارات الاجتماعية تتيح للطفل الفرصة لاكتساب حصيلة لغوية اكبر المناسبة لتدريب الطفل عليها و تؤدي الى تعزيز القيمة التكيفية للطفل و بالتالي تزيد من تقدير الاخرين للطفل .
و يرى و لتزwiltz (1999) ان المهارات الاجتماعية المهمة للطفل التوحدي و التي تساهم في زيادة التفاعل الاجتماعي تتضمن مايلي:
- وجود تواصل بصري مناسب للطفل .
- تعلم الطفل للأدب الاجتماعي مثل المجاملات و القاء التحية و الوداع .
- تطوير و فهم التواصل غير اللفظي .
- المشاركة الاجتماعية مثل المشاركة باهتمامات الاخرين و تكوين صداقات (الزريقات 204 ص 235).
البرنامج التعليمي الفردي IEPIndividualized Education Program:
و هو برنامج خاص مبني على افتراض ان لكل طفل توحدي احتياجات تعليمية خاصة به و مستويات نمو متباينة لقدراته المختلفة، و بالأحرى فان لكل طفل صفحة بيانية PROFILE خاصة به تحدد مشكلاته و احتياجاته و العمر العقلي لمستويات نمو كل قدرة من قدراته بنسبة الى عمره الزمني، بناءا على قياس و تقييم دقيق لتلك القدرات، يقوم بإجرائه فريق من الاخصائيين النفسانيين و التربويين ليكون اساسا لتخطيط برنامج التعليم الفردي المناسب للطفل.

كذلك لا بد ان تتضمن برامج التعليم تحديدا دقيقا للسلوكيات النمطية التي يندمج فيها الطفل التوحد بشكل متكرر، و تستنفذ جزءا كبيرا من وقته، و كذلك تحديد السلوكيات الشاذة و العدوانية التي تسبب ايذاء الذات وإيذاء غيره من الرفاق و العاملين معه ، الا أن بالحصر و التقييم لهذه السلوكيات يمكن ان نتوصل الى تضمين البرنامج التعليمي الفردي جانبا خاصا من الأنشطة والاساليب الكفيلة لمعالجة تلك السلوكيات التي لو اهملت لحالت دون تحقيق الأهداف التعليمية للبرنامج، كما يتضمن انشطة علاجية و تدريبية في مجالات معينة مثل علاج عيوب النطق و الكلام و التخاطب و العلاج الطبيعي المرضي ،و التربية الرياضية و النفس حركية و التربية الفنية و الموسيقية و التي تعتبر جميعها جزءا لا يتجزأ من أنشطة البرنامج التعليمي الفردي IEP و الذي يجب ان تتوفر فيه عدة شروط أهمها:
1- الانسجام و التطابق الداخلي:
على ان تقترب أهدافه بمستوياتها المختلفة من المستوى الحالي للطفل في قدراته و مهاراته و نواحي القوة و الضعف المميزة له، و احتياجاته المختلفة لهذه الصلة التي تربط احتياجات الطفل بالبرنامج التعليمي، هي المحور الأساسي لجميع برامج التربية الخاصة للأطفال المعاقين، و برنامج التعليم الفردي لكل منهم، و الواقع ان التناسق و التطابق الداخليين لا يكمن تحقيقها الا اذا استنبطت أهداف البرنامج التعليمي مباشرة من الوضع الحالي للقدرات و لمهارات و احتياجات الطفل التي تحددها عمليات التقييم و القياس الموضوعي المقنن.
2- انسجام و تطابق خارجي:
التطابق و التداعم الداخلي وحدهما لا يكفيان، بل لا بد من ان تتفق مع برنامج التطبيقات العلمية بالأنشطة التعليمية التي يوفرها المدرس و بناء الفصل الدراسي النابع من هذا البرنامج، الذي هو في الواقع المخطط الاساس الذي يستمد منه المدرس و يخطط نشاطه التعليمي اليومي و الأسبوعي و الشهري في الفصل في شكل وحدات تعليمية متتابعة تشبع احتياجات التلميذ، و تحقق الأهداف التي حددها البرنامج لكل من تلك الاحتياجات ، و ترسم أسلوب التقييم المرحلي المستمر لنتائج التنفيذ .
3- صياغة الأهداف و الأغراض التعليمية
نقصد بها ما الذي نتوقع تحقيقه للطفل من خلال اكتساب المهارات الإجتماعية و المعرفية، و بما ان صياغة الأهداف هي المحور الأساسي لبرنامج التعليم الفردي فلا بد من احتواء هذا الأخير على انشطة و مواد تعليمية وكذلك طرق تدريسية و تجهيزات و أدوات و وسائل ملائمة لتحقيق الغرض التعليمي و كذلك الحال عند التقييم .
و يتضمن البرنامج التعليمي الفردي ما يلي:
- البيانات الشخصية ( الاسم، التاريخ، تركيب الاسرة، الحالة الاقتصادية و الاجتماعية، العنوان، رقم الهاتف...الخ)
- التاريخ التعليمي للفرد و المدارس و المراكز التي إلتحق بها من قبل.
- التاريخ المرضي للحالة: مرحلة الحمل، الولادة، الأمراض، ان وجدت .
- ملخص تتابع عمليات التقويم، القياس و الاحتكارات النفسية وأدوات التشخيص التي طبقت، و نواحي الضعف و القوة مستويات نمو المهارات المختلفة .
- الاهداف البعيدة و الأغراض التربوية التعليمية ( قد تكون نفسها الرسمية او حسب مستوى ذكاء الطفل او مستوى مهارات المعرفية و الاجتماعية).
لكن قبل ذلك لابد ان تضم عمليتي الملاحظة و تسجيل قدرات الطفل المحاور التالية:
- المهارات اللغوية الاستقبالية و التعبيرية و حجم و محتوى الحصيلة أو الرصيد اللغوي (قبل بدء البرنامج) و مهارات استعمالها في التخاطب مع الأخرين .
- المهارات الاجتماعية و المعرفية و مستوى نموها الحالي بالمقارنة مع العمر الزمني للطفل و السلوكيات الاجتماعية في المواقف و المناسبات الخاصة .
- السلوكيات الشاذة و النمطية غير الهادفة التي يتكرر اندماج الطفل فيها لفترات زمنية طويلة و قدرات التحكم في سلوكياته .
- نواحي القصور و عيوب النطق و الكلام و التخاطب
- مستويات الادراك الحسي و الاستجابات الحسية الغير عادية للمثيرات السببية .
- المهارات الأكاديمية (التعليمية) قبل بدء البرنامج بالمقارنة مع العمر العقلي .
- المصادر و الاستراتيجيات التي تستخدم في تنفيذ البرنامج و تحقيق أهدافه و توزيع مكوناته على أعضاء فريق العمل المختص ( اخصائي نفسا ني و ارطفوني، استاذ الموسيقى و الرياضة.... الخ) و العائلة .
الهدف: مساعدة الطفل على ادراك الزمان و التوجه في الفضاء عن طريق الصور، الاشارات، و تعليمات كتابية، و الهدف هو تعزيز استقلاليته عن طريق الاداء و نقاط القوة لكن هناك من يعتبر هذه الطريقة هي التدريب و ليس التعليم. ( الزريقات ،2004 ،ص 413/414/415 ). التربية للجميع
منقووووووووووووول
ليست هناك تعليقات: