مساحة اعلانية

آخر المواضيع

المدرسة





المدرسة
بقلم إدريس أُوهلال
ليس من السهل تناول موضوع معقد وحساس كالمدرسة دون صعوبات وسوء فهم. ومع ذلك قررنا ركوب المغامرة؛ لأن مستقبل مجتمعاتنا بحاجة إلى هذا النقاش.
علينا أولا أن نفهم ونربط بين الحديث عن المدرسة في سياق الأحداث المحلية، والحديث عنها في سياق الموجة الجديدة للرأسمالية العالمية. وبعد ربط وفهم السياقين نحتاج إلى اختراع صيغة ذكية وفعالة للمواجهة.
حظ السياق المحلي هو تعليم فاشل رغم محاولات الإصلاح المتعددة، وأجيال في عمومها معطوبة رغم وجود معلمين متميزين يساهمون في تخريج شخصيات متميزة.
أما حظ السياق العالمي فهو رأسمالية اخترعت في القرن التاسع عشر المدرسة لتلبية حاجاتها وخدمة مصالحها، وتعمل في القرن الواحد والعشرين على إلغائها أو إعادة اختراعها في أشكال جديدة لتلبية حاجات مستجدة عندها وخدمة مصالحها دائما، وعلى الذين يواجهون سياسات حكومية محلية أن يفهموا أنهم يواجهون سياسة عالمية لرأسمالية القرن الواحد والعشرين.
هذا حظ السياقين، فمن لنا باختراع صيغة ذكية وفعالة للمواجهة؟
تعرضت المدرسة للنقد من مواقع مختلفة؛ انتقدها ايفان ايليش من موقع الدعوة إلى الرجوع لمدرسة الحياة، وانتقدها لويس ألتوسير باعتبارها أداة في يد الدولة تستخدمها لتنميط الأشخاص وضبطهم وترويضهم، وانتقدها بيير بورديو من موقع دورها في إعادة إنتاج التفاوتات الاجتماعية، وانتقدها ادغار موران لعجزها عن تعليمنا صيغة فعالة لمواكبة التعقيد المتصاعد والتحولات المتسارعة واللامتوقعة التي تطبع عالمنا، وانتقدها ألفين توفلر من موقع تحولات الرأسمالية في القرن الواحد والعشرين نحو اقتصاد المعرفة وعجز المدرسة عن مواكبة هذا التحول. لكن رغم كل هذه الانتقادات يبقى التعليم رهاناً أساسياً، فهو قوة قادرة على تحقيق التغيير وقيادة الفرد والمجتمع من التخلف إلى التقدم متى أُحسن تصميمه.
إن المدرسة، ورغم نقدنا الحاد والمتطرف لها (وهو نقد مطلوب لإثارة الانتباه لحدود المدرسة في صيغتها الحالية)، تحتفظ بإيجابيات كثيرة، ومن الحمق ألا نستثمر فيها، لكن علينا أن نقر أن مدارس الحياة المتعددة والمصاحبة والتعلم الذاتي هم المعلمون الحقيقيون وبفوارق نوعية عن المدرسة النظامية، والبحث العلمي في مجال هندسة التعلمات لا زال بحاجة إلى المزيد من الوقت لفهم مبادئ وآليات هذا التعلم التجريبي في الوضعيات الحياتية وآليات التعلم الذاتي والتعلم بالمصاحبة واستثمار نتائج ذلك بنجاح في إعادة اختراع المدرسة.
وفي انتظار ذلك على الآباء والأمهات أن يضعوا المدرسة بصيغتها الحالية في حجمها الطبيعي، ويعتبروها مدرسة من بين مدارس متعددة، وفضاء للتعلم من بين فضاءات متعددة، ويوزعوا استثماراتهم في مستقبل أبنائهم بذكاء وشمولية وتوازن بينها وبين مدارس الحياة المتعددة والتعلم الذاتي والتعلم بالمصاحبة.
    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ أطفالنا 2020 ©